في رحلة الحياة الممتدة منذ صرخة الولادة، ومنذ اللحظة الأولى يبدأ الإنسان في محاولاته للبقاء، وليس مجرد البقاء بل البقاء بقوة، باحثاً لنفسه عن كل ما يحتاجه وما لا يحتاجه، ومع تقدم العمر وتمييزه بين الأمور، ترى هناك من يعيش حياته بأنانية وحب الذات، ومن يعيشها تضحية من أجل الغير، فالأول تراه يحاول أن يتملك كل ما يستطيع أن يصل إليه، والاستماتة من أجل الوصول لما لم يستطع أن يتملكه.
وربما ظلم غيره من أجل أن يحقق رغباته وأهدافه، مكوناً حوله مشاعر كارهة وعلاقات واهنة، فمن يجامله إما أن يكون خائفاً منه أو باحثاً عن مصلحة، والجزء الأكبر من معارفه ستجده كارهاً له صراحة وعلناً .
أما الشخص الآخر فهو ذاك الذي ضحى من أجل غيره وأفنى عمره من أجل أن يسعد من حوله، يعمل بسعادة وتراه يبتسم إذا ما استطاع أن يحقق لغيره ما يريد، متناسياً رغباته ومتطلباته، ولا يشعر بأنه مخطئ؛ لأن سعادته بما يقوم تطغى على أي أنانية.
وبين الشخصيتين، عامل مشترك هو ظلم النفس، فالأول ظلم نفسه عندما تعامل بأنانية، وظلم من حوله ولم يشعر بأنه يسير وحيداً بلا حبيب ولا صديق، فالجميع نفر منه بسبب أنانيته وحبه لذاته .
أما الآخر فلا يختلف عن صاحبه في شيء فهو أيضاً ظلم نفسه عندما نسي أن لها حقًا عليه، وعندما تغافل عن حقوقه من أجل غيره. هو وجه الخير ولكنه نسي أن يلتفت قليلاً لنفسه ويعطيها شيئاً من حقها، ولكنه في الأخير لن يخسر لأنه لن يجد نفسه وحيداً، فهو محاط بمن أعطاهم حبه ووده وزرع في قلوبهم السعادة.
وبين الاثنين ماذا تريد أن تكون؟! هل ستختار أن تكون وحيداً أم تكون مع من تحبهم؟!! أم ستكون شخصاً ثالثاً؟!