خالد صلاح - صحيفة بصمة إعلام الإلكترونية
( الطب الوهمي ) .. هذا واقع مهنة العطارة الممتدة منذ نحو 2600 عام التي ظهرت للمرة الأولى في لوحين سومريين التي تحتوي على نصوص طبية تصف اعراضاً ووصفات طريقة التحضير , حيث أصبحت تستغل الكثير من اللذين يتمنون إطالة شعرهم أو تخفيف وزنهم علاج أو يريدون علاجاً لشيء ما , والعجيب في هذا الأمر أن غالبية الزبائن الذين باتوا ضحايا لهذا الإستغلال مستمرين في أخذ هذه الوصفات أعوماً عديدة وسط غياب شبه تام للجهات الرقابية.
وقد كان العرب سابقاً يهتمون في تطوير هذه المهنة القديمة ، حيث أنه لم يكن هنالك فرق واضح بين العطارين والمشعوذين إلى غاية ظهور الحضارة الإسلامية , وكانتبغدادمن أولى المدن التي وجدت فيها محلات للعطارة يشرف عليها صيادلة عرب منذ سنة 750 م في عهد العباسيين , عكس مايتم حالياً في سوق العطارة السعودي حيث ان العاملين فيه لا يملكون المؤهلات التي تسمح وتجيز لهم العمل في هذا المجال المهم لصحة الإنسان.
وفي أحد محالات العطارة في المدينة المنورة ، ذهبت وطلبت من العامل خلطات شعبية لزيادة الوزن ، فقام البائع بتحضير خلطة عشبية سألته كيف عملها وعلى أي أساس ؟ فكان رده الذي يستخدمه دائماً " إسال مجرب ولا تسأل طبيب أنا جربتها وزبطت" , وقال : اشربها مرتين كل يوم.
وعلى الرغم من كثرة تحذيرات الأطباء من الوصفات التي يعملها العطارون لزبائنهم دون وصفات طبية موثوقة ، إلى أن بعض الناس لا زال مستمراً في أخذها تحت مسمى الطب البديل , وبشكل مستمر للأسف الشديد !
ويرى محمد الحربي أحد اللذين يستخدمون هذه الوصفات بشكل مستمر أن الأعشاب الطبيعية أضرارها أقل بكثير من المركبات الصناعية الموجودة في الصيدليات ، موضحا أنه يستخدمها بكل راحة ولا يرى فيها أضرارا مستقبلية ، حيث إن الأدوية المركبة من مواد كيميائية هي التي تسبب للجسم أعراضا جانبية بحسب كلامه , وأوضح أيضاً أنه يستخدم خلطات الأعشاب منذ عدة سنوات.
وقال أحد ملاك محال العطارة إن الخلطات العشبية ليس لها ضرر على صحة الإنسان ، مضيفا : "ما عندنا شيء في محلات العطارة ما ينفع أو مضر للمستخدم".
الجهات الحكومية
وفي تصريح سابق للمتحدث الرسمي بإسم وزارة التجارة والاستثمار/ عبد الرحمن الحسين ، إن السجلات التجارية للمنشآت العاملة بنشاط العطارة بلغ عددها 8022 سجلا تجاريا ، إلى منتصف شهر ربيع الثاني 1439هـ.
ما هو الدخل السنوي لسوق العطارة؟
وعند دخولك إلى محل المرواني للعطارة في السوق المركزي في المدينة المنورة , تجد روائح الأعشاب والحناء والحبوب والأبخرة والخلطات الجاهزة في كل المحل بشدة.
حيث قال أحمد عبدالرحمن أحد البائعين في محالات العطارة ، أن الكثافة السكانية في المملكة لها دور مهم في الدخل السنوي لسوق العطارة، مبينا أن الزيادة في بعض المنتجات أو الخلطات الشعبية تتنوع في "كريمات الشعر، مراهم الحساسية، دهان البشرة" ، التي ارتفعت خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة متوسطة لحد ما.
وأوضح أن الخلطات العشبية يتم حسابها بالجرام في محالات العطارة ، وتبدأ أسعارها من 50 ريال حتى 140 ريال ، موضحا أن الورقيات هي الأكثر سعرا للخلطات العشبية في سوق العطارة ، التي تبدأ من 70 ريال حتى 170 ريالا وتتضمن (أوراق السدر وقشر الرمان والزعتر والحناء).
وأشار إلى أن بعض البائعين يستطيعون إقناع بعض المستهلكين بأن فائدة التركيبات والأعشاب تصل إلى 90 في المائة، كما يتظاهرون بعلمهم وخبرتهم في الطب ما يجعل الزبائن يقتنعون به أكثر.
«الغذاء والدواء» دائماً ما تحذر
كانت هيئة الغذاء والدواء أوضحت في بيان سابق لها ، أن من أسباب خطورة الخلطات العشبية التي تتضمن "مواد سامة التلوث، سوء التخزين، المعادن الثقيلة، إضافة مواد كيميائية، مبيدات حشرية"، ويهدف تحذير الغذاء والدواء إلى رفع الوعي المجتمعي بمخاطر الخلطات العشبية مجهولة المصدر والتركيب.
أشهر محلات العطارةفي المدينة المنورة
ويعد محل المرواني للعطارة من أشهر وأٌقدم محلات العطارة في المدينة المنورة والشرق الأوسط حيث يلقب نفسه "بشيخ العطارين في المدينة المنورة" , ولديه أكثر من 15 فرع في المدينة , ويعد بيت العطار من أشهر محلات العطارة أيضاً.
نوعية الخلطات العشبية ومصدرهاوطريقة تخزينها
وقال أحمد المرواني أحد تجار محال العطارة ، إن الخلطات والتركيبات العشبية تتضمن أنواعا كثيرة منها (قشر الرمان، بذر كتان، الصمغ العربي، زيت النخل، حفص، ملوخية، مسمار، الورقيات، عصفر، زيت زيتون).
وبين أحمد أن ضمانة تخزين المنتج لسلامة المستهلكين من الخطوات الأكثر أهمية ، موضحا أن الورقيات لا تحتاج إلى تخزين لفترة طويلة ، وذلك بزعم أن المستودع عليه رقابة عالية والمنتج نفسه لا يستمر أكثر من أسبوع في المستودع وهذه ترجع لذمة المالك.
وأشار إلى أن المنتجات والخلطات الموجودة في محال العطارة بالجملة أو الجرام يقومون بتوزيعها على "القطاعين" بفترة قصيرة وذلك لسلامتها من التلوث والأتربة وحرارة الشمس.
الفئة الأكثر طلباً للخلطات الشعبية ؟
من جهته قال أحمد عبد الرحمن بائع في أحد محال العطارة ، أن النساء هن الأكثر استخداما لخلطات الأعشاب، حيث يأتي الكثير من النساء لطلب التركيبات والخلطات الشعبية بغرض "تساقط الشعر، وجروح الجلدية، نقص الوزن"، حيث أن النساء يتعاملن مع سوق العطارة منذ زمن ، بزعم أن لديهن الخبرة الكافية لشراء احتياجاتهن من العطارة، بعكس الرجال الذين يمثلون النسبة الأقل.
إنتشار العطارة محلياً وإقلمياً
يذكر أنه مع توسع مهنة العطارة واستفادة الناس منها أقيمت في المدن القديمة أماكن خاصة وأصبحت تمثل أسواق عطارة ، ففي السعودية نجد سوق المعيقلية في جنوب العاصمة الرياض التي تعد من أشهر الأسواق التجارية في الرياض وفي المملكة أيضاً ، وفي أبها نجد سوق الثلاثاء الذي يعد من أشهر أسواق العطارة في المنطقة الجنوبية حيث يلبي هذا السوق جميع احتياجات المواطنين والسائحين أيضا .. ونكاد لا نجد مدينة عربية قديمة إلا وفيها زوايا خاصة يتركز فيها دكاكين العطارين ففي مدينة القدس مثلا تشتهر سوق العطارين التي تحمل تاريخا عريقا ، وفي مدينة بيروت كذلك لا يوجد أشهر من سوق العطارين وفي مصر بمدينة الإسكندرية يشتهر حي العطارين وفي دمشق يشتهر عطارو سوق الحميدية ، وفي اليمن بمدينة صنعاء القديمة تدهشك تلك السوق ذات الزقاق الضيق الذي ينتشر على جوانبه دكاكين وحوانيت العطارة الصغيرة ذات الأبواب الخشبية الجميلة.